دليل يقدم منهجية شاملة لتدريس اللغة العربية في التعليم الابتدائي
1- مبادئ واعتبارات عامة :
في بناء برامج اللغة العربية للسنوات الست من التعليم الابتدائي، تم استحضار مجموعة من الاعتبارات، واعتماد عدد من المبادئ العامة التي تفرضها خصوصيات متعلم هذه المرحلة، وطبيعة المادة، وديداكتيك مكوناتها، والرغبة في تمكين المتعلمين من الكفايات والقدرات اللغوية المناسبة لهذه المرحلة، وفي ما يلي مجمل تلك المبادئ والاعتبـارات :
¨ مبدأ " الوحدات" بحيث يتجزأ برنامج كل سنة من السنوات الست إلى ثماني وحدات، يستغرق تنفيذ الواحدة منها ثلاثة أسابيع، يخصص الأسبوعين الأول والثاني لتقديم الدروس الجديدة، والأسبوع الثالث للتقويم و الدعم، وبعد تنفيذ وحدتين اثنتين، يأتي أسبوع للتقويم والدعم، يستفيد من أنشطته جميع التلاميذ، ثم أسبوع آخر للدعم الخاص، يستفيد من أنشطته اللغوية من ظلوا في حاجة إلى ذلك، أما المتمكنون، فيباشرون في هذا الأسبوع أنشطة موازية، وبذلك تم توفير الفرص الكافية لتطبيق بيداغوجية التمكن؛
¨ مبدأ " التكامل" الداخلي بين مكونات مادة اللغة العربية، ويأخذ هذا التكامل مستويين أساسيين هما : مستوى البناء الهيكلي لحصص مختلف مكونات المادة عبر الأسابيع الثلاثة للوحدة، ومستوى المجال الذي تتمحور حوله مختلف دروس الوحدة؛
¨ اعتماد مبدأ " 30 دقيقة" للحصة اللغوية، في السنتين الأولى والثانية باعتبارها الأنسب بالنسبة لصغار المتعلمين الذين لا يستطيعون التركيز لمدة طويلة. وفي السنوات الأربع للسلك المتوسط، تم اعتماد نفس المبدأ بالنسبة لحصص القراءة، أما باقي المكونات من تراكيب وصرف وإنشاء... فقد اعتمد مبدأ "45 دقيقة" للحصة اللغوية، حتى لا يطغى على تنفيذ الدروس السرعة، وغياب التركيز، وليستوفي الدرس كل عملياته المنهجية، ويحقق بالتالي كل أهدافه الإجرائية، وليتأتى تطبيق مبدأ " الحصة المتحركة" الذي يفرضه التسلسل الهيكلي لحصص اللغة؛
¨ اعتماد مبدأ " الاستضمار " في تمرير برامج الظواهر الأسلوبية والتركيبية، والصرفية والاملائية. وذلك في السنتين الأولى والثانية، ومبدأ "التصريح" بتلك الظواهر اللغوية، وبالقواعد الضابطة لاستعمالها في السنوات الأربع للسلك المتوسط، على أن هذا التصريح نفسه، يتدرج من التحسيس والتلمس فالاكتساب إلى الترسيخ والتعميق، بحيث يتم إدراج نفس الظاهرة اللغوية في برنامج سنتين متواليتين أو أكثر. على أن يتم معالجة الظاهرة في كل سنة على مستوى معين، يضيق في الأولى، ويتسع تدريجيا في ما يليها؛
¨ مبدأ " الرفع " من عدد الحصص الإنشائية في السنتين الخامسة والسادسة إلى ست حصص في الوحدة بدل أربع. الشيء الذي يرفع فرص تدريب المتعلمين على كتابة المحررات الإنشائية من ثمانية موضوعات في السنة الدراسية كلها – وهو المعمول به حاليا – إلى ستة عشر موضوعا؛
¨مبدأ " التخفيف" في عدد فقرات البرامج، دون أن يمس ذلك بتحقيق القيم والكفايات المحددة لهذه المرحلة. هذا التخفيف الذي يعتبر أحد العناصر التي تسهم في إمكانية اعتماد بيداغوجية التمكن.
2) الكفايات :
أ- تقديم :
يتوجه الميثاق الوطني للتربية و التكوين في مجالات الاختيارات التربوية-خاصة في مراجعة البرامج و المناهج – إلى اعتماد على المقاربة بالكفايات ومن خصائص هذا التوجه أنه يسعى إلى تحقيق ما الأهداف الآتية :
1- حصول التكامل في المعارف و القدرات و المهارات المقدمة للمتعلم.
2- جعل المتعلم الفاعل الأساسي في كل الأنشطة التعليمية /التعلمية.
3- توفير الوسائل الأساسية للمتعلم لتنمية ملكاته و قدراته...
4- إعادة النظر في الدور المنوط بالأستاذ, كي ينتقل من مصدر للمعرفة إلى موجه يساعد على
تحقيق التعلم الذاتي لدى المتعلم.
5- إعطاء التعلمات المكتسبة في المدرسة أبعادا حقيقية تجعل المتعلم قادرا على القيام بالإنجازات
الملائمة التي تتطلبها الأوضاع المشابهة لوضعيات التعلم.
ونظرا لأهمية هذه المقاربة و توضيحا للفرق الحاصل بين الاختيار المبني على الأهداف و الاختيار المعتمد على الكفايات,يدفع بنا أن نعرف بالكفايات :
الكفاية : مجموعة قدرات و أنشطة و مهارات مركبة تتعلق بقدرة أو بنظام
داخلي تجسمه الأنشطة و الممارسات.
الكفاية : نظام من المعارف المفاهمية و الإجرائية التي تكون منظمة بكيفية تجعل الفرد قادرا
على الفعل عندما يكون في وضعية معينة,أوإنجاز مهمة من المهام,أو حل مشكلة من
المشاكل.
فالكفاية على هذا الأساس تتضمن :
- مجموعة من المعارف و المهارات و الإجراءات.
- أنماطا من البرهنة العقلية.
- إطارا تنظيميا لمكتسبات المتعلم السابقة...
ب- الكفايات و الأهداف :
الكفاية لا تتحقق قبل إلقاء الدرس بل في نهايته, و الكفاية لا تتحقق في درس واحد أو درسين أو سلك واحد أو سلكين.فهي نتائج التعلم و حصيلة المكتسبات المترابطة فيما بينها السابقة و اللاحقة منها,و لا يجوز من باب المنطلق الحديث عن الكفايات قبل اكتسابها, بل ينبغي تحديد الهداف التي يمكن بلوغها و تحقيقها في حصة تعليمية محددة, في حين تبقى عملية تحقيق هدف عام أو اكتساب قدرة,مهارة كفاية ينبغي أن يتمكن منها المتعلم هي في نفس الوقت غاية ربما لا تتحقق عنده إلا بعد أسلاك تعليمية و بعد تجربة و خبرة طويلتين.
ج - الكفايات و بعض المفاهيم المنبثقة منها:
القدرة : جملة الإمكانات التي تمكن الفرد من بلوغ درجة من النجاح في التعلم, أو في
أداء مهام مختلفة.
المهارة : بالنسبة للمتعلم هي مجموع أفعال يقوم بأدائها بنوع من الدقة سواء كانت
عضوية حركية, أو مهارات مرتبطة بالجانب الصوتي (لفظية)أو مهارات
يدوية, أو مهارات جسدية.
الإنجاز : عملية يتم فيها الانتقال من مستوى التخطيط إلى مستوى التنفيذ(مثل بحث سبل
إنجاز المنهاج داخل المنهاج داخل الأقسام أو تنفيذ خطة.
الاستعداد : هو قدرة ممكنة أو أداء متوقع سيتمكن الفرد من إنجازه فيما بعد, عندما تتوفر
بعض الشروط الضرورية المعرفية و المهارية و السيكولوجية (كالنضج و
النمو والتعلم )و الاستعداد هو سبب نجاح كل نشاط يتطلب من الفرد التحكم في
القدرات و التحفيزات الملائمة.
د - الكفايات المسطرة في التعليم الإبتدائي
في السلك الأولي ( السنتين الأولى والثانية) :
ü التواصل عن طريق اللغة العربية قراءة وكتابة وتعبيرا؛
ü التعبير الشفهي بالنسق العربي الفصيح؛
ü استضمار البنيات الأسلوبية والتركيبية والصرفية للغة العربية، في حدود مستواه
ü الدراسي، وعمره الزمني والعقلي؛
ü استعمال رصيد وظيفي فصيح، يرتبط بحياته، ويتوسع تبعا لتدرج مجالات البرنامج؛
ü التقاط صور الحروف العربية، وقراءتها ضمن كلمات وجمل ونصوص بسيطة؛
ü الرسم الخطي للحروف العربية مجردة وضمن كلمات وجمل وفقرات قصيرة؛
ü استعمال اللغة العربية لتحصيل بعض المعارف والتزود ببعض الخبرات المناسبة لمستواه الدراسي؛
ü استعمال اللغة العربية لإدراك بعض القيم الإسلامية والوطنية والإنسانية في حدود مستواه الدراسي، لتتأصل في كيانه وشخصيته؛
ü استعمال اللغة العربية للتفتح على البيئة الطبيعية والمحيط الاجتماعي، وعلى ما تزخر به الحياة العامة من عمل ونشاط وإبداع.
في السـلك المتوسـط : السنوات 3 و4 و5 و6 (ابتدائي):
يتم التعامل مع مادة اللغة العربية في السنوات الأربع للسلك المتوسط من التعليم الابتدائي كوسيلة، يحقق المتعلم بواسطتها مجموعة من الكفايات الأساسية المرتبطة بالمادة بصفة عامة ومجموعة أخرى من الكفايات النوعية المرتبطة بالمكونات المختلفة لمادة اللغة العربية. وتحقيق هذه الكفايات لا يتم دفعة واحدة، أو في محطة مبكرة من السلك المتوسط. بل يتم بتدرج عبر السنوات الأربع للسلك، بدءا من التحسيس والتلمس، فالاكتساب، وصولا إلى الترسيخ والتعميق. وقد يتأجل التعميق بالنسبة لبعض الكفايات النوعية إلى مرحلة تعليمية لاحقة.
وفيما يلي الكفايات التي يراد تحقيقها في نهاية السنة السادسة :
أن يكون المتعلم :
ü قادرا على استيعاب النسق اللغوي الفصيح الذي يعتبر وسيلة أساسية في عملية الاندماج الاجتماعي؛
ü قادرا على التعبير بواسطة اللغة شفهيا وكتابيا في مواضيع متنوعة، ترتبط بواقعه وتلبي حاجاته؛
ü قادرا على القراءة والفهم واستثمار المقروء على مستويات عدة؛
ü متمكنا من عدد من القواعد اللغوية، قادرا على استعمالها بشكل صحيح في أنشطته اللغوية المنطوقة والمكتوبة وفي التواصل السليم مع الغير؛
ü قادرا على استيعاب المجال اللغوي وعلى التمييز والموازنة بين مستوياته، لتنمو لديه تدريجيا القدرة على الحكم المنطقي؛
ü قادرا على استخدام فكره في تتبع المشاهد وملاحظتها والتساؤل عن كل ما يعاين ويلاحظ، وعلى المقارنة والاستنتاج والاستدلال؛
ü قادرا –من خلال اللغة- على التعرف على القيم الإسلامية والوطنية والإنسانية، ليتمثلها في سلوكه.
ü قادرا –من خلال اللغة- على التفتح على العالم التكنولوجي، فيتمثله ويفهم تطوراته؛
ü مكتسبا القدرة على الملاحظة والمقارنة، والحكم والتعبير عن وسائل العمل الجديدة؛
ü قادرا على تمييز أنواع الخطاب الأدبي، العلمي، الاجتماعي، الخ؛
ü قادرا على تنظيم عمله وضبط وقته من خلال الإنجازات الكتابية والبحوث الخارجية التي يكلف بإنجازها، ويعتاد على ممارستها.
6) دور كل من الأستاذ و المتعلم في تدريس وحدة اللغة العربية:
من المستلزمات الضرورية لتطبيق كل المنهجيات المعتمدة في تدريس وحدة اللغة العربية تحديد دور كل من الأستاذ و المتعلم في إعداد العمل و إنجازه و في متابعته و احترام تسلسله وضبط مواقيته و حصصه و في تقويمه بالمراقبة المستمرة,و بالتصحيح و التوجيه من طرف الأستاذ ,و بالحضور الدائم للمتعلم ,وتحمله مسؤولية إعادة النظر فيما ينجز من أعمال.
أ- دور الأستاذ :
و من هنا,فإن دور الأستاذ قد يتحول من دور تقريري تبليغي استئثاري,إلى دور مضبوط ,تنحصر مجالات نشاطه فيما يأتي:
أولا: تنظيم مجال الأنشطة تنظيما يشمل المستويات التالية:
*ضبط بيئة التعلم : تسخير جميع ما فيها من إمكانيات طبيعية وثقافية, و استغلالها في الأنشطة المقترحة.و يتم هدا الضبط في مرحلتين:
مرحلة الضبط العام,التي يسأل فيها الأستاذ نفسه عن كيفية تسخير معطيات الوسط, لتكون مساعدة له على تطبيق البرنامج اللغوي.و إلى أي حد ينسجم ما يطرح البرنامج مع البيئة المحلية التي يعيش فيها المتعلم , و مرحلة الضبط الخاص,و تستدعي من الأستاذ التفكير المتواصل في كيفية إنجاز كل وحدة من وحدات البرنامج إنجازا يضمن استغلال مقدرات البيئة المحلية.
*ضبط الحصة الزما نية : و يقتضيه نوع التنظيم الداخلي للبرنامج , فبرنامج اللغة العربية محكم الحلقات تدعم كل حلقة ما قبلها و ليس معنى هدا أن ضبط الحصة الزما نية هو ضبط ميكانيكي,تؤدى فيه العمليات بنوع من الآلية و الرتابة, وإنما هو ضبط عضوي في بنائه, تترافد فيه العمليات و يكمل بعضها البعض الأخر.
*ضبط عمل المتعلم : و يتناول ثلاثة جوانب:
من حيت الإعداد:
تقدير ما يمكن استغلاله من معطيات الوسط, و تقدير ما يمكن إنجازه وفق الحصة الزما نية المخصصة, و حصر العمليات التي ستنجز تبعا لذلك,و إعداد لمختلف الوسائل المعينة على إنجازها, وتصور كيفية استعمالها, و تحديد كيفية الحفز وما يستغرقه من وقت,و نوع التقديم, وما يقدم فيه ومدته,
و عمل المتعلم ومدته و نوعه و ما يتدرب على إنجازه شفهيا وكتابيا.و لذلك فإن إعداد الأستاذ لعمله,تخطيط هادف لكل العمليات و ليس استنساخا لمحتوى صفحات مطبوعة.
من حيت تقديم الدرس:
إن دور الأستاذ,خلال الدرس.ينحصر في الحفز و التقديم, وفي فتح المسالك المتعددة للإنجاز, فهو لا يصطنع مغريات التشويق, و إنما يترك الحوافز للموضوع تنبثق من المتعلمين ولا يستأثر بالشرح و التقرير و التفصيل, و إنما يقدم الإطار الطبيعي لمجال الدرس لقراءته و ملاحظة نماذجه
و اكتشاف خصائص الظاهرة التي تضبط ناحية من نواحيه,و هنا ينتهي دوره في الكلامليضطلع بدور أنجح و أخطر و هو التعاون مع المتعلم في ارتياد مسالك التعبير محاكاة في البداية للنماذج المقدمة وفي النهاية,إلى مشارف التعبير و الإبداع الذي يخلقه لنفسه,و قد اندمج في المناخ اللغوي,الذي عملت كل الاثارات على اندماجه فيه.
من حيت المراقبة والتتبع:
من المهم أن يتعود المتعلم مراقبة عمله بنفسه.و أن يقدر هدا العمل تقديرا يقوي ما هو إيجابي فيه و يقدر قيمته, ويعرف سلبياته و يقومها, و من المهم كذلك,أن تكون مراقبة الأستاذ و تتبعه لعمل المتعلم,تصحيحا دائما للنموذج الخاطئ بنموذج صحيح.
ب- دور المتعلم:
إن من أسس المنهجيات المتعددة,الإشراك الفعلي للمتعلم في تنفيذ كل خطوة من خطوات الدروس.من حيت الإعداد و التقديم و الإنجاز و التقويم.
من حيت الإعداد: إن على المتعلم بمجرد تقديم موضوع الدرس له,أن يعاين و يشاهد و يلاحظ, وينمي هده المعاينة و المشاهدة و الملاحظة باكتشاف ما في بيئته و محيطه وما يقرب له بالوسائل الاصطناعية وأن يجرب قدرته في التغير عن كل ذك.
و عندما يكلف بفتح ملف خاص بالموضوع, فإن القصد من ذلك لا يكون مجرد تجميع للصور
و النماذج بقصد التسلية و المباهاة و تزيين دفتره و متحف القسم بما جمع و إنما يفتحه ليكون وثيقة عمل, يتنامى محتواها بالمطالعة و الاقتباس, و تسجيل الملاحظات وإنشاء فقرات و نصوص والتعاون مع الزملاء في كتابة تحقيقات و قصص و تمثيلات من إبداعهم الخاص.
فالدرس, بين المتعلم و الأستاذ شراكة متعددة الأطراف يساهم الكل في إعدادها.
من حيت التقديم:
تظهر نجاعة هده الشركة , بين المتعلم و الأستاذ في عملية تقديم حصص الدروس اللغوية,فإذا كان الأستاذ مطالبا برسم مجال العمل وضبط خطته, وتقديم المعطيات بكيفية متسلسلة و متدرجة, فإن المطلوب من المتعلم أن يشارك فعلا,فيستخدم فكره في تتبع المشاهد و ملاحظتها و التساؤل عن كل ما يعاين و يلاحظ,و التعبير الشفهي عن المواقف المشخصة و استخدام الرصيد المتاح له, والبحث عن تنميته باستمرار.
من حيت التقويم:
قد روعي أن تتاح الفرصة للمتعلم ليراقب عمله بنفسه فالأستاذ لم يعد قادرا على أعمال المتعلم,يتابع أخطاءه و يؤشر عليها بالأحمر, وكأن تلك الأخطاء نوع من المخالفات التي تستحق العقاب أو الزجر,فالمتعلم يصيب بقدر ما تتيح له فرصة الإصابة, و قد يخطئ , ويجب أن تتاح له فرصة تجاوز الخطأ ,و على هذا فإن المتعلم هو المسؤول الأول عن عمله , يصححه بنفسه و يعود إلى الأستاذ ليكون مرجعا يلجأ إليه ليلتمس النموذج الصحيح.
كتاب المتعلم:
إن هدا الكتاب ليس كراسة للتطبيق, وإنما هو وثيقة متكاملة تقدم كل المعطيات التي تتوقف عليها أنشطة اللغة العربية,يعود إليها المتعلم لاستذكار خلاصة العمليات المنظمة التي تم إنجازها.
و مما يجب التأكيد عليه أن كتاب التلميذ يجمع كذلك كل العمليات اللغوية(تراكيب,الجمل,النحو,جداول الصرف,الإملاء....)غير أن هذا الكتاب لا يجوز أن يعتبر المجال الوحيد لعمل المتعلم فالملف الذي يعده,طيلة الأسبوع والتقصيات والأبحاث التي يقوم بها بمفرده أو في زمرة,و أنشطة التعاونية و البستنة المدرسية و المكتبة و غيرها من الأنشطة الأخرى , كلها مجالات خاصة تتكامل فيها عمليات الدروس وحدة اللغة العربية.
4- طبيعة مكونات وحدة اللغة العربية :
§ التعبير الشفهي :
1- التعبير الشفوي : محاولة لتقريب المفهوم :
التعبير بمفهوهه العام ,يعني الإبانة و الإفصاح باستعمال كل العلامات, سواء أكانت لغوية أم غير لغوية (الصورة, الحركة,الإشارة...) فهو نشاط لغوي,ينقل المتعلم من خلاله ما يحسه و يشاهده
و يفكر فيه إلى ألفاظ أوجمل أو تراكيب أو نصوص, و هو بهذا المعنى ليس هو درس
" المحادثة " الذي كان يعمل على تلقين الجانب اللغوي من خلال تلقين جملة من المعارف عبر المعجم الذي يروجه دون التركيز على البنيات الأساسية, أما درس التعبير فهو يسعى إلى إكساب المتعلم النسق اللغوي و مساعدته على استضماره عن طريق إرساء البنيات الأسلوبية و التركيبية و الصرفية و المعجمية / الدلالية الوظيفية.
2 - أنواع التعبير :
التعبير,وكما يدرس في المرحلة الأولى من التعليم الابتدائي نوعان : شفوي وهو ما يعرف بالتعبير أو الإنشاء الشفوي, و كتابي و هو مجموع التمارين الكتابية اللغوية التي يقوم بها المتعلم في السنة الثانية و السنوات الموالية, و التي تسير بشكل مواز مع الدروس التعبيرية و ما تقدمه نصوصها من آليات و ميكانزمات يجب تركيز اهتمامه عليها حتى يقوم بمحاكاتها أثناء إنجازاته.
و للتعبير الشفوي صور كثيرة نعرض لبعضها كالتالي :
- التعبير الشفوي كدرس قائم بذاته, يحاول المتعلم – من خلاله- نقل الأفكار و الخواطر وما يحسه إلى عالم الألفاظ, عالم اللغة.
- التعبير الحر, عندما يطلب منه التعبير بعد عملية من عمليات التفكير أو على لغز من الألغاز .
- التعبير عن الصور و المشاهد و الرسومات...
- التعبير الشفوي الذي يتخلل دروس القراءة و الكتابة.
- حديث المتعلمين الدائم و المسترسل عن نشاطاتهم سواء أكان ذلك داخل المدرسة أو
خارجها...وفي سائر الموضوعات المقدمة.
و على الرغم من كون التعبير الكتابي الإنشائي ذي الطابع الإبداعي, لا زال غائبا عن الممارسة اللغوية للمتعلم, فإن التعبير الكتابي-و لو في صورته البسيطة - وكذا التعبير الشفوي, يدخلان معا في ما يمكن تسميته بالتعبير الوظيفي.
فنصوص التعبير , و خاصة في السنة الأولى أو الثانية, ترتبط بمجالات لها ارتباط وثيق بحياة الطفل و محيطه, و قد رتبت هذه المجالات انطلاقا من الوسط القريب لكي تتوسع بالتدريج, كما اختيرت من هذه المجالات...مجالات أو موضوعات مدرسية في مستوى المتعلم نفسيا
و وجدانيا و معرفيا و لغويا.ومن ثم, تم التعامل مع النصوص التي تؤثث هذه المجالات انطلاقا من وظيفة اللغة, هذه الوظيفة التي تم الحرص من خلالها أن يكتسب المتعلم في كل الموضوعات رصيدا وظيفيا ينمي قدرته على التعبير و التواصل, وهذا ما يتجلى في اقتراح الحد الأدنى من الرصيد اللغوي الوظيفي المرتبط بكل موضوع من الموضوعات المسطرة.
و تتجلى هذه الوظيفة في التقاطع الحاصل بينها وبين موضوعات المجالات اللغوية, و ما تتضمنه من بناءات أساسية لا مناص من أثارها و توظيفها قصد تثبيتها و ترسيخها في
" الجهاز اللغوي " للمتعلم من الأساليب إلى التراكيب إلى الصيغ الصرفية و التحويلات مرورا بالمعجم إلى أن نصل إلى أدنى مستوى و هو المخارج الصوتية.
إن في تحقيق هذه الوظيفة في المدرسة و القسم هو تحقيق ما يسميه الباحثون اللغويون "بالإغماس اللغوي" وهوالذي يجعل الطفل يتقلب و يسبح منذ الصغر في تواصل يعتمد النسق اللغوي الفصيح في بنيته السطحية و العميقة. و الإغماس بهذا المعنى هو غرس النسق اللغوي الفصيح قصد إنباته في القدرات اللغوية للمتعلم و تتبعه عبر نموه في المراحل الموالية.
§ القراءة :
القراءة عملية بسيطة، تتلخص في القدرة على تلفظ نص مكتوب بصوت مسموع لإدراك معناه أو محتواه، أو المتابعة بواسطة البصر لنص مكتوب، و هي بالإضافة إلى كل ذلك جملة من أفعال التركيز و المتابعة و الفحص لنقط مختلفة على سطح النص باعتبار البنيات و المعارف السابقة التي يتوفر عليها القارئ و التي تمكنه من فحص المعلومات و تأويلها و إدماجها.
1 - الفرق بين الصوت و الحرف:
الصوت حركة تتولد عن احتكاك الهواء بالمجرى الصوتي أثناء التمفصل، والحرف شكل هندسي يرمز إ إلى الصوت المنتسب إلى" فونيم" واحد.
2 - منهجيات تدريس القراءة:
الطريقة التركيبية:
يعرفها رامي:" تتميز الطريقة التركيبية بتعلم ينطلق من العناصر أو الأجزاء الصغرى، أي من الحروف ...إلى العناصر الكبرى: الكلمات، فالجمل ثم النص..." و تستند هذه الطريقة على فرضية نظرية مفادها أن الجزء يسهل تعلمه و أن المركب يصعب إدراكه، و أن القراءة الجيدة هو التمكن من الربط السليم بين الحرف( الصورة) و الصوت(النطق)، كما أن أساسها السيكولوجي ينطلق من مبدأ المثير و الاستجابة عند السلوكيين.
الطريقة التحليلية أو الكلية:
تسير هذه الطريقة في تعلم القراءة، من الكل إلى الجزء، أي من تعليم الكلمة إلى الحروف، و من المعلوم إلى المجهول، بحيث أنها تستغل معلومات الطفل و خبراته المكتسبة عن الأشياء المحيطة به، فيندفع إلى التعلم، لأنه يتخذ المعنى لإدراك المبنى.
هذا و تتفرع الطريقة التحليلية إلى عدة طرائق أهمها الطريقة الصوتية، الطريقة الجملية، الطريقة الطبيعية...
الطريقة التحليلية/ التركيبية أو المزجية:
تبنتها المدرسة المغربية و أهم محطاتها:
* تقديم الوحدات الدلالية (جمل الانطلاق) كاملة للمتعلمين. و يتم اختيار هذه الجمل بعناية خاصة حيث يتردد الحرف الجديد المستهدف عدة مرات و في أوضاع
مختلفة...
* استيعاب و فهم الجملة الأساسية من لدن المتعلمين و فهم مدلولها عن طريق الشرح و الصور الموضحة.
* استخراج الكلمات المركزية التي تشتمل على الحرف الجديد المستهدف و إعطائه كيانه المستقل.
* تقديم الحرف كموضوع مركزي و تناوله رسما و نطقا.
* الانتقال بالحرف كموضوع مركزي و تناوله رسما و نطقا.
* الانتقال بالحرف إلى أوضاع مشابهة في كلمات أخرى تتضمنه، مع التركيز عليه رسما و نطقا.
* تناول وضعيات الحرف و حركاته و أبعاده.
* ممارسة ألعاب قرائية كالبطاقات و التمارين القرائية بغية تعميق و استيعاب الحرف الجديد و معرفة جميع وضعيا ته.
§ الكتابة:
مهارة تكتسب بالتدريب و المران، و تتمحور أنشطتها على كتابة الحروف و الكلمات و الجمل بشكل تدريجي من الخط إلى النقل إلى الإملاء.
§ التراكيب:
يتيح درس التراكيب للمتعلم تعرف الجمل المفيدة و تمييز أنواعها، و تحديد عناصرها، و تعرف مكملاتها كالمفاعيل، و التوابع و الحال، و التمييز و الجار و المجرور و النواسخ و غيرها، و يمكنه من اكتشاف الضوابط، و العلائق المتحكمة في بناء الجملة كالحركة الإعرابية و الرتبة و المطابقة و غيرها، حتى يتسنى له تركيب جمل لا متناهية يوظفها في تواصله ويستعملها في تعبيره الكتابي.
§ الصرف و التحويل:
يتدرج برنامج الصرف و التحويل بموازاة مع برنامج التراكيب و في تكامل تام بين مفردات كل منهما، مما يساعد المتعلم على إدراك العلاقة الوطيدة بين التركيبي و الصرفي في السياق اللغوي، ولا سبيل إلى الفصل بينهما حيث ينصهران في كفاية واحدة هي بالذات كفاية التواصل اللغوي، فالمتعلم وهو يكتب أو يتكلم لغته فإنه يستعمل في الآن نفسه قواعدها التركيبية و الصرفية و التحويلية. أما مكون الصرف فيتعلق بتعرف أقسام الكلمة و تمييز أزمنة الفعل و تحويل الاسم من حيث الإفراد و التثنية
و الجمع و التذكير و التأنيث و التعريف و التنكير، و تمييز المجرد و المزيد، و صياغة المشتقات،
و اكتساب القدرة على ممارسة التحويل وفق ما تفرضه السياقات اللغوية و تطرحه المواقف التواصلية.
§ الإملاء:
يحظى درس الإملاء باستقلاله النسبي عن الدرس اللغوي من حيث كونه يتميز عنه بتناول جانب الرسم الإملائي للكلمة بمختلف حروفها في أوضاع مختلفة، يضاف إلى ذلك الجانب الخطي الذي يتمثل في تجويد و تحسين كتابة الحروف مما يصطلح عليه بالهندسة الخطية للحروف.
و يسعى درس الإملاء إلى تمكين المتعلم من القدرة على رسم بعض الحروف المتغيرة، أو تلك التي لا يتطابق فيها المنطوق مع المكتوب كالتاء المربوطة و المبسوطة، و حرف الهمزة و الألف اللينة و غير ذلك.
§ الإنشاء:
نواجه في حديثنا عن درس الإنشاء عدة مفاهيم مضطربة و غامضة و فضفاضة نذكر منها (التعبير الشفوي، التعبير الكتابي أو التحريري، التعبير الوظيفي، التعبير الإبداعي...) لكن التوجيهات الرسمية انتصرت لمصطلح (الإنشاء) بسبب ما يفيده من بدء و خلق و ابتداع، في حين أن التعبير يقصد به الإبانة عن فكرة أو عاطفة بكلام أو إشارة أو ملامح. و هذا ما جعل درس الإنشاء من أصعب الدروس من الوجهة التعليمية، مما يجعله أكثر التصاقا بالجانب الإبداعي للغة...