اقدم لكم قصة هي سبب احتفالنا الى اليوم بعيد الاضحى مليئة بالعبر و القيم على امل ان تستفيدوا منها و ان تستخلصوا العبرة منها .
سأل إبراهيم الخليل عليه السلام ربّه أن يهبه ولدا صالحاً ، وذلك عندما هاجر من بلاد قومه فبشّره الله عز وجل بغلام حليم ، وهو إسماعيل عليه السلام الذي ولد من هاجر، بينما كان إبراهيم الخليل عليه السلام في السادسة والثمانين من عمره ، فهو أي إسماعيل أول ولد لإبراهيم عليه السلام وهو الولد البكر يقول الله عز وجل :
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (( الصافات/99 )) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (( الصافات/100 )) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (( الصافات 101 )) .
وعندما كبر إسماعيل عليه السلام و شبّ وصار بمقدوره ، أن يسعى ويعمل كما يعمل ويسعى أبوه عليه السلام رأى إبراهيم الخليل عليه السلام ، في المنام أن الله عز وجل يأمره أن يذبح ولده ، ومعلوم أن "رؤيا الأنبياء وحي يقول الله تعالى : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى
إنه لأمر عظيم ، واختبار صعب للنبي إبراهيم عليه السلام ، فإسماعيل هذا الولد العزيز البكر ، والذي جاءه على كبر ، سوف يفقده بعدما أمره الله عز وجل أن يتركه مع أمه السيدة هاجر ، في واد ليس به أنيس ، ها هو الآن يأمره مرة أخرى أن يذبحه ولكنّ إبراهيم الخليل عليه السلام ، امتثل لأمر ربه واستجاب لطلبه وسارع إلى طاعته. ثم اتجه إلى ابنه إسماعيل ، وعرض الأمر عليه ، ولم يرد أن يذبحه قسرا فماذا كان ردّ الغلام إسماعيل عليه السلام ؟ قال جل و علا : قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (( الصافات/102 ))
إنه ردّ يدل على منتهى الطاعة وغايتها للوالد ولرب العباد ، لقد أجاب إسماعيل بكلام فيه استسلام لقضاء الله و قدره ، وفيه امتثال رائع لأمر الله عز و جل ، وأيّ أمر هذا! إنه ليس بالأمر السهل ، وحانت اللحظة الحاسمة بعد أن عزم إبراهيم عليه السلام على ذبح ابنه ، انقيادا لأمر الله عز وجل ، فأضجعه على الأرض ، والتصق جبين إسماعيل عليه السلام بالأرض وهمّ إبراهيم أن يذبح ابنه : قال تعالى : فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (( الصافات/103 )) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (( الصافات/104 )) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (( الصافات/105 )) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ (( الصافات/106 )) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (( الصافات/107 )) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (( الصافات/108 )) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (( الصافات/109 )) َذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين (( الصافات/110 )) ولكنّ السكين لم تقطع ، بإرادة الله عز وجل ، عندها فداه الله عز وجل ، بكبش عظيم من الجنة ، ابيض الصوف ذي قرنين كبيرين .
وهكذا أصبحت الأضحية سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام ، سنّة للمسلمين كافة يؤدونها أيام الحج إلى البيت العتيق.