المبتدأ والخبر أمام القاضي
المشهد الأول
يدخل طالب بلباسه التقليدي ( السروال ، والسترة ، والعمامة ).
يتجول في المسرح بغرور حتى يصل إلى المقدمة ، ثم يخاطب الجمهور معرفا بنفسه قائلا :
دائما أنا أول الناس ، لا يتقدم علي أحد ، مؤثر في غيري ، وأهم شيء عندي أنه لا يسبقني أحد حتى لو جئت متأخرا فأنا الأول ، ثم ينشد قائلا :
أنـــــــا الأول أنـــــا الأول
أنـا في الصف أتجول أمـامي الكل يتحول
فـلا قبـلي يضـاهيـني ولا بعدي يكـن أول
يدخل طالب آخر(الخبر) بنفس لباس الطالب الأول مع اختلاف اللون.
فيقع نظره على المبتدأ فيخاطبه قائلا : من أنت ؟
المبتدأ : قد عـرَّفت بنفسي . أما سمعتني ؟
الخبر : لو سمعت لعرفت .
المبتدأ : يردد المقطوعة :
أنــــــا الأول أنــــــا الأول
أنا في الصف أتجول أمـامي الكل يتحول
فلا قبـلي يضـاهيني ولا بعدي يكـن أول
الخبر : لا أعلم أحدا يستغني عني ، وعن أخباري .
المبتدأ : غيري نعم ، أما أنا فلا .
الخبر : بل أصدر الحكم عليك .
المبتدأ : عليَّ أنا . ها ها ها ها ها من أنت ؟
الخبر : أنا صاحب الأخبار ، ثم ينشد :
أنت لا شيء بدوني أنت واحد أنت خامد
أنت لا تحيى فريدا أو تعيش العمر صامد
المبتدأ : أنا المقدم على كل شئ ، ويسند كل شيء إلي ، والكل ينفذ أوامري . فهل أنت كذلك ؟
الخبر : أنا أكثر من ذلك . فأنت لا شيء بدوني ، بل أنا الذي أصدر الحكم بمنزلتك التي أنت فيها .
المبتدأ : كيف هذا وأنا المتصرف في حياتك ؟
الخبر : هذا ما قضى به الحق والعدل .
المبتدأ : أين الحق والعدل ؟ أنا معروف دائما مرفوع الرأس ، عالي الهمة واضح المكان أما أنت فأحيانا تكون فردا ، وأحيانا لك وجوه عدة .
الخبر : هذه ميزة لي ، وليست لك . فأنت صعب المعشر ، لا أحد يجتمع بك ولك صورة واحدة فقط .
المبتدأ : أنا المتفضل عليك دائما .
الخبر : ما الفضل الذي لك علي ؟
المبتدأ : أنا الذي رفعت رأسك بين الأمم .
الخبر : وأنا الذي حكمت بفضلك ، وبدوني ليس لك هدف ومعنى .
المبتدأ : أراك تطاولت علي .
الخبر : أخذت حقي .
المبتدأ : والله لأشكونك للقضاء .
الخبر : ذلك بيننا .
المشـــــــهد الثاني
في مجلس القضاء :
" قاض خلف مكتبه ـ كتابان عن يمين ويسار ـ أمام كل كاتب منهم سجلات ـ عامل يقوم بإيصال المعاملات ـ وجندي " .
القاضي : ما القضية الآن ؟
أحد الكتاب : القضية ( 35 ) ، ويناوله القضية .
القاضي : يطلب من العامل أن ينادي على القضية .
العامل : القضية ( 35 ) .
يدخل المبتدأ والخبر ومعهما اثنان .
القاضي : أين الخصمان ؟
المبتدأ والخبر : نعم يا فضيلة القاضي .
القاضي يشير إلى الرجلين الآخرين من أنتما ؟
أحدهما : أنا محام عن هذا الرجل ، ويشير إلى المبتدأ .
الآخر : أنا محام عن هذا الرجل ، ويشير إلى الخبر .
القاضي : اجلسوا .
يجلس المبتدأ ، والخبر أمام القاضي ، ومحام كل منهما بجانب صاحبه .
القاضي : من المدعي ؟
المبتدأ : أنا يا فضيلة القاضي .
القاضي : ما دعواك ؟
المبتدأ : منذ خلقت ، وأنا الأول ، لا أحد يتقدم علي ، عالي الهمة ، مرفوع الرأس ، واضح المكان ، والكل يأتمر بأمري ، وتسند إلي مهمات الأمور .
القاضي : وماذا في ذاك ؟
المبتدأ : جاء هذا الرجل (ويشير إلى الخبر) يريد أن ينازعني في هذه المنزلة ويقول : إنه هو الذي حكم بفضلي ، وإنني بدونه لا شيء ، وليس لي أي هدف ، أو معنى.
القاضي : هل لديك أقوال أخرى ؟
محامي المبتدأ : نعم يا فضيلة القاضي .
القاضي : ماذا لديك ؟
المحامي : لقد تطاول هذا الرجل على موكلي ، ووصفه بالخمود ، وعدم الصمود ، بل يرى أن موكلي لا شيء بدونه .
القاضي : أين المدعى عليه .
الخبر : نعم يا فضيلة القاضي .
القاضي : ماذا لديك ؟
الخبر : كل ما قاله خصمي صحيح ، وأنا قلته ، ولا أنكر ذلك ، فهو لا شيء بدوني ، وأنا الذي أحكم بفضله . فهذا المكان ـ يا فضيلة القاضي ـ هل له قيمة بدونك ؟ ، وهل يمكن أن يحقق عدلاً ؟
القاضي : أهذا ما قصدت ؟
الخبر : نعم .
القاضي : هل لديك أقوال أخرى ؟
محامي الخبر : نعم يا فضيلة القاضي .
القاضي : ماذا لديك ؟
المحامي : لقد تطاول هذا الرجل على موكلي ، وقال : إنه لا يستطيع أن يعيش وحيدا ، وإن له وجوه عدة .
القاضي : ينظر إلى أحد الكتاب ويقول : حدد لهم جلسة أخرى للحكم .
الكاتب : يكتب ورقتين بالموعد الجديد ، يناول إحداها للمبتدأ ، والأخرى للخبر.
المشــــــهد الثــــالث
نفس المنظر في المشهد الثاني ( مجلس القضاء ) .
العامل ينادي على القضية ، ويدخل المبتدأ والخبر ، ومحامي كل منهما ، ويجلسون حسب جلستهم الأولى .
القاضي يصدر الحكم :
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى أله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فبناء على ما ثبت لدي أنا قاضي محكمة النحو الكبرى في القضية رقم ( 35 ) من دعوى المدعي ، وإجابة المدعى عليه ، ورأي دفاع كل منهما حكمت بالآتي :
أولا : إن كلا الطرفين عالي الهمة ، مرفوع الرأس ، واضح المكان .
ثانيا : يبقى المدعي في مكانه الذي هو فيه ، وهو ( الابتداء ) ، وللمدعى عليه أن يأتمر بأمره . ( يظهر المبتدأ ابتسامة خفيفة تدل على الرضا بالحكم ) .
ثالثا : يكون للمدعى عليه الحكم الفصل بفضل المدعي ، ويخبر عنه ، وعلى المدعي أن يقبل حكمه ( يظهر الخبر ابتسامة خفيفة تدل على الرضا بالحكم) .
رابعا : لا ينفصل الاثنان عن بعضيهما بأي حال من الأحوال ، وتبقى علاقتهما مستمرة للأبد .
خامسا : يكون المدعي هو المبتدأ ، والمدعى عليه هو الخبر .
بهذا حكمت ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .
يتعانق المبتدأ والخبر ، ويصيح الجميع ( يحيا العدل ـ يحيا العدل ).