كل أُم تضطر إلى ترك طفلها وحيداً في المنزل، سواء أكان ذلك من أجل الإسراع إلى السوبر ماركت لشراء شيء ما، أو للذهاب إلى عملها. ولكن، قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، عليها أن تكون متأكدة من نضوج طفلها، وامتلاكه المهارات التي تؤهله للتعامل مع هكذا وضع، وأن تأخذ في الاعتبار وضعيه الصحي والعقلي.
ينظر بعض التربويين إلى ترك الطفل وحيداً في المنزل نظرة إيجابية، حيث يعتقدون أنها تُكسب الطفل الناضج، والمُعد جيِّداً لمثل هذه الحالة، خبرة جيِّد، تعمّق من ثقته بنفسه وتعزز استقلاليته وقدرته على تحمّل المسؤولية. وفي الحقيقة إنه لا يوجد عمر معيّن يمكن بموجبه ترك الطفل حيداً بأمان في المنزل. ولكن، يجب عدم ترك الأطفال الصغار جدّاً وحتى سن العاشرة لوحدهم أبداً. وبما أنّ الطفل في عمر 12 سنة، نادراً ما يكون ناضجاً. لذا، يجب عدم تركه وحيداً في المنزل لفترة طويلة. أمّا الطفل تحت سن 16 سنة، يجب عدم تركه وحيداً طوال الليل.
على الأُم ألّا تَبني قرارها بشأن ترك طفلها وحيداً، بالاستناد إلى عمره فقط. بل عليها تقييم درجة نضوجه أيضاً، بناء على تصرفاته. وأن تسأل نفسها:
·هل في استطاعة طفلها، من الناحيتين الجسدية والعقلية، أن يهتم بنفسه؟
·هل يطيع طفلها القوانين؟ وهل قرارته صائبة؟
·هل يشعر طفلها بالراحة إذا تُرك وحيداً في المنزل، أما يشعر بالخوف؟
·ما هي المدة التي يستطيع طفلها قضاءها وحيداً في المنزل، ومتى، خلال النهار، أم فترة بعد الظهر، أم في المساء؟ وهل يحتاج الطفل إلى وجبة طعام خلال تلك الفترة؟
·هل تستطيع تركه دائماً وحيداً، وهي متأكدة من قدرته على الاعتناء بنفسه؟
·هل منزلها ومحيطه آمنان؟
إضافة إلى سن الطفل ونضوجه، يجب أن يمتلك بعض المهارات المحددة قبل أن يتمكن من البقاء وحيداً في المنزل. منها بشكل خاص، معرفة ماذا عليه أن يفعل وبمن يتصل في الحالات الطارئة، معرفة الحد الأدنى عن الإسعافات الأولية، تدريبه على إجراءَات الأمان مثل تلك المتّبعة في مراكز الإسعاف. كما يجب أن تكون الأُم متأكدة من إمكان تطبيق طفلها الخطة التي تضعها للحالات الطارئة، أن تعلّم طفلها اسمه الكامل وعنوان المنزل ورقم التليفون، أن تُطلع طفلها على مكان وجودها وكيفية الإتصال بها، وأن تضع قائمة بأسماء أشخاص محل ثقة وبأرقام هواتفهم، ليتمكن طفلها من الاتصال بهم في الحالات الطارئة.
- عوامل يجب أخذها في الاعتبار:
من الواضح أن طفلاً في عمر خمس سنوات لا يحتمل البقاء وحيداً بالتاكيد. ولكن ماذا عن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و16 سنة؟ كما سبق وذكرنا، فإن من الصعب تحديد متى يكون الطفل مستعداً لتقبّل فكرة بقائه وحيداً في المنزل. في النهاية، الأُم هي التي تقرر متى يمكنها ترك طفلها وحيداً.
بالطبع، على الأُم أن تعرف ما هو شعور طفلها حيال الفكرة. إذ غالباً ما يصر الأطفال الصغار على أن لا بأس من تركهم وحيدين، حتى قبل أن تشعر الأُم بالارتياح للفكرة. ومع ذلك، هناك أطفال كبار في السن يخافون البقاء وحيدين في المنزل، على الرغم من ثقة الأُم بقدرتهم على البقاء وحدهم.
بشكل عام، من غير المستحب ترك طفل تحت سن عشر سنوات وحيداً في المنزل. فبالتأكيد هناك اختلاف بين الأطفال، ولكن معظم الأطفال في هذا العمر لا يملكون المهارات وهم ليسوا على درجة من النضج، لمعرفة كيف يتصرفون في الحالات الطارئة لو تُركوا وحدهم.
من المهم أن تأخذ الأُم في الاعتبار تصرفات طفلها في مختلفة الأحوال. عليها أن تراجع نفسها وتتذكر، هل تظهر على طفلها علامات تدل على تحمله المسؤولية مثل أدائه فرض المدرسة وحده؟ أو القيام بأعمال روتينية في المنزل؟ واتّباع التعليمات التي تُعطى له؟ هل يفهم الطفل معايير السلامة ويتّبعها؟ هل قرارات الطفل سليمة أم أنه ميّال إلى المجازفة؟
- تدريب الطفل على البقاء وحيداً:
حتى لو كانت الأُم واثقة بنضوج طفلها وقدرته على تحمّل المسؤولية، لابدّ من القيام بسلسلة من التدريبات معه، قبل حلول اليوم الذي تتخذ فيه قرار تركه وحيداً. يجب أن تبدأ في تركه وحيداً لفترة لا تزيد على نصف الساعة أو ساعة كحد أقصى، على أن تبقى في مكان قريب، بحيث يمكن الوصول إليها بسهولة. وعند عودتها إلى المنزل، عليها الاستفسار من طفلها كيف سارت الأمور، وأن تبحث معه الأشياء التي يحب تغييرها أو إجراء تعديلات عليها، وأن تناقشه في المهارات التي يجب أن يتعلمها، تحضيراً لتركه في المرة المقبلة.
- معالجة الأمور غير المتوقعة:
يمكن أن تشعر الأُم براحة أكبر خلال فترة غيابها، في حال تعلّم طفلها بعض المهارات الأساسية التي يمكن أن يحتاج إليها في الحالات الطارئة، مثل الإسعافات الأولية. وقبل مغادرة المنزل وترك طفلها وحيداً، عليها أن تتأكد من قدرته على تنفيذ مهام معيّنة وتطبيق شروط السلامة العامة، مثل: الاتصال برقم الطوارئ والمعلومات التي يجب إعطاؤها لعاملة الهاتف، معرفة كيف يطلب رقم الهاتف الأرضي والخليوي، في حال كان هناك اختلاف في رموز المناطق، استعمال النور، كيف يتصرف في حال حضر شخص غريب وقرع الجرس، أو سأل عن الأُم الغائبة عن المنزل. من الطبيعي أن تشعر الأُم بالاضطراب والتتر والخوف على طفلها عند مغادرتها المنزل وتركه وحيداً داخله، حتى إن كانت متأكدة من أن طفلها أصبح مستعداً للبقاء وحيداً. فإذا اتّبعت الخطوات العملية التالية، قد يصبح الأمر أسهل عليها وعلى طفلها.
-وضع جدول زمني للاتصال بالطفل: على الأُم أن تضع جدولاً بأوقات اتصالها بطفلها. في حال اضطرت الأُم إلى ترك المنزل قبل وصول طفلها إليه عائداً من المدرسة، عليها أن تطلب منه الاتصال بها بمجرد دخوله المنزل، أو عليها أن تحدد وقتاً تتصل أثناءه بالمنزل لتتأكد من عودة طفلها. كما أن على الأُم أن توضح لطفلها أنه ليس في إمكانه الاتصال بها في كل الأوقات أثناء وجودها في عملها، وإلا ستضطر إلى عدم الرد على كل مكالماته.
-وضع قوانين ثابتة: يجب أنتضع الأُم قوانين خاصة تتعلق بفترة غيابها عن المنزل، وأن تتأكد من أن طفلها فهم القوانين وأنه سيطبّقها. منها:
·وضع قوانين ثابتة: يجب أن تضع الأُم قوانين خاصة تتعلق بفترة غيابها عن المنزل، وأن تتأكد من أن طفلها فهم القوانين وأنه سيطبّقها. منها:
·استقبال صديقه أو أصدقائه أثناء غيابها عن المنزل.
·غُرف المنزل الممنوع عليه دخولها، خاصة مع أصدقائه.
·أوقات مشاهدة التلفزيون والبرامج المسموح بمشاهدتها.
·تحديد أوقات استخدام الكمبيوتر والإنترنت، وتحذيره من الدخول إلى برامج المحادثة والتحدث إلى الغرباء.
·وضع قوانين خاصة بالمطبخ والطبخ.
·عدم فتح الباب لأي غريب.
·وضع قوانين خاصة بالتليفون.
·عدم مغادرة المنزل مع أحد.
·عدم القول لأحد إنه وحيد في المنزل.
-التموين: يجب أن تحرص الأُم على توفير كل ما يلزم المنزل من مؤونة للاستخدام اليومي وللحالات الطارئة، حتى لا يضطر طفلها إلى مغادرة المنزل لشراء ما يلزمه. عليها تجهيز مطبخها بوجبات طعام صحية وخفيفة ليجد طفلها ما يأكله في حال شعر بالجوع. وفي حال كان طفلها مريضاً، عليها أن تترك له كمية العلاج المفترض تناولها فقط، وأن تضع زجاجات الدواء بعيداً عن متناول يده، حتى لا يتناول كمية كبيرة منه وتقع الكارثة، خاصة إذا كان أشقاء الطفل الصغار معه في المنزل.
إضافة إلى ذلك، عليها ترك مصباح كهربائي في مكان يمكن للطفل الوصول إليه في حال انقطاع التيار. وأن تُدرج أرقام الهواتف المهمة على لائحة التليفون، وأرقام تليفوناتها وتليفونات الأصدقاء والجيران والطوارئ.
- على الأُم أن تحرص على:
* وضع لائحة بأسماء الأصدقاء موضع الثقة الذين يستطيع الطفل الاتصال بهم، أو بالأشياء التي يمكن أن يفعلها الطفل عندما يكون وحيداً.
* أن تُعد وجبة خفيفة لطفلها قبل مغادرتها المنزل مع ملاحظة تعبّر فيها عن حبها لطفلها، حتى يعرف أنها تفكر فيه وتهتم بأمره.
وضع جدول ليتّبعه الطفل أثناء غياب الأُم: أداء واجبه المدرسي، وضع ألعابه في مكانها، الحفاظ على نظافة المنزل وترتيبه.. إلخ.
·إلغاء المحطات التي من المفترض ألّا يُشاهدها الطفل من جهاز التلفزيون.
- جعل البيت آمناً: بغض النظر عن فترة غياب الأُم عن المنزل، وعن تطبيق الطفل القوانين، على الأُم أن تتخذ بعض الإجراءات لجعل المنزل آمناً. عليها أن تضع كل ما يُعرّض سلامة الطفل للخطر في مكان مُغلق لا تطاله يده. من هذه الأشياء: الأدوات الحادة، الأدوية، الأسلحة إن وجدت، الكحول، السجائر، الولاعات وعلب الكبريت، ومفاتيح السيارة.
- بعد الاستعداد: بعد أن تصبح الأُم مستعدة لترك طفلها وحيداً للمرة الأولى، قد تشعر براحة أكثر أو طلبت من شخص بالغ، قريب أو صديق للعائلة البقاء مع طفلها. ولكن عليها أن لا تقول لطفلها إنه "مربية"، بل إنه موجود ليكون إلى جانبه وليلعبا معاً، أو لو طلبت من طفلها دعوة صديق موثوق به يقاربه في السن إلى البقاء معه، شرط التوضيح لأهل الطفل أنها غير موجودة في المنزل، على أن توضح لطفلها أن وجود أحد معه في المنزل مرحَلي، إلى أن يعتاد على البقاء وحيداً.
إذا استعدّت الأُم جيِّداً، وقامت بالتدريبات اللازمة، لترك طفلها في المنزل، سيشعر كلاهما بالراحة بعد فترة قصيرة من الوقت.
[center][b]