Dr_Ettaik المدير العام
عدد المساهمات : 354 نقاط : 592 تاريخ التسجيل : 10/12/2011
| موضوع: (العـولـبــــــة)!! الثلاثاء يناير 17, 2012 4:23 pm | |
|
توتة توتة!
(الجاتُ) على الأبواب، رغمَ أن الأبوابَ نفسَها تكادُ تتلاشى من مواضِعها.. تعسًا إذن للنائمين!
ولا أدري لِمَ يُذكّرُني الأمرُ بالشاةِ التي بَنَتْ بيتَها من القشّ، وظنّتُه حصينًا ضدَّ الذئب!
أطاره الذئبُ بنفخة!
وهذه هي (الحدوتة):
الشـاة: دولٌ تملِكُ الموادَ الخامَ، ومصادرَ الطاقةِ، والموقعَ الجغرافيَّ، وحشودًا هائلةً من البشر ـ كلُّها للأسفِ مجردُ أفواه!!، بالإضافةِ لتاريخٍ خصب، وحضاراتٍ شتّى، ودينٍ عبقريٍّ قادَ حضارةً مذهلة.
يا لها من شاة!
بيتُ القشّ: أنظمةٌ إداريّةٌ تستطيعُ عن جدارة، إسقاطَ أعظمِ الدولِ إلى الحضيضِ لو طُبّقت فيها.. هياكلُ من الفوضى، والسلبيّةِ والمحاباةِ والمحسوبيّة، ينخرُ فيها سوسُ الخرافةِ والجهلِ واستتفاهِ الثقافة، وانعدامِ الضميرِ وخفوتِ صوتِ الدين، والتقليدِ الأعمى لسلبيّاتِ الغربِ دونَ مميّزاتِه، والانخراطِ بجنونٍ في سباقِ الامتلاكِ والاستهلاك.
البيتُ من قشٍّ محترق !
الذئـب : لغةُ المصالح..
دولٌ يَهُمُّها خفضُ معدّلِ البطالةِ فيها على حسابِ موتِ شعوبِ العالمِ (الآخَر)..
شركاتٌ عملاقةٌ لا يتوقّفُ نَهَمُها لاكتساحِ الأسواقِ واستنزافِ أموالِ المخدوعين، تستطيعُ غسلَ أمخاخِ الأجيالِ وشلَّها تمامًا، بأخطبوطاتِ الدعايةِ الهائلة..
أعداءٌ يتلهّفونَ لإخضاعِنا اقتصاديّا، لتركيعِنا سياسيّا!
و.. أخيرًا: تركةٌ حديثةٌ من الحقدِ الأعمى تدعى: (إسرائيل)!
(والفرخة عايزة قمحة)!!
صورة متشائمة؟!.. لا فِكاكَ على ما يبدو!
تعالَ ندخل الدائرةَ المفرّغة:
اقتصادٌ قويّ يتطلّبُ تخطيطًا مُحكمًا وعقولا مبتكِرةً جريئةً وعلمًا عميقًا.
باختصار: يتطلّبُ تعليمًا حقيقيّا يُدعّمُ البحثَ العلميّ، ويَربأُ بعقولِ الأجيالِ عن أن تكونَ مجردَ أوعيةٍ تُملأُ لتفرّغَ في أوراقِ الامتحان، حتى يستطيعَ أن يُفرزَ طاقاتٍ إبداعيّةً وأفكارًا خلاقة، يُمكنُها الصمودُ في مجالِ التنافسِ العلميِّ والاقتصاديِّ الطاحن.
ولكنّ التعليمَ والبحثَ العلميَّ يتطلّبانِ تمويلا هائلا، لا يمكنُ أن يتوافرَ إلا في ظلِّ اقتصادٍ منتعش!
ثعبانٌ يقضمُ ذيلَه!
ضوءُ الشمسِ في زجاجات!!
لا مناص: حالا، أتمنّى أن أغمضَ عينيّ، فأجدَ إعلامًا تربويّا هادفًا، يُحذرُ الناسَ من اللهاثِ خلفَ السلعِ الاستهلاكية، بدلا من إضاعةِ أعمارِهم في مشاهدةِ الفتياتِ يَرقُصْن، لِيُؤَكِّدْنَ أن الحياةَ بدونِ فلايةِ الشعر (أبو صلعة)، هي الجحيمُ بعينِه، أو أن الذي يستحوذُ على شَغَفِ الفاتناتِ هو فقط ذلك الشابُّ العبقريُّ الذي يلمّعُ حذاءَه بخيشة (الكحيان)!
سيدتى: أقصر طريق إلى قلب زوجك هو طريق مصر إسكندرية الصحراوي، حيث يباع سمن (الزعبلاوي)!
تعلَّمْ كيف تصبحُ مجرمًا في … أيِّ وقتٍ نشاء!!
سيقولونَ هذا هو الاقتصاد: المزيدُ من تدفّقِ السيولة، يَعنى المزيدَ من فرصِ العمل، والقليلَ من التضخّم، وبالتالي حياةً أفضلَ للجميع!
حياةً أفضل؟!!!!!!
القناعةُ يا سيّدي صفةٌ إنسانيّة، تحتاجُ لمحميّاتٍ طبيعةٍ، خشيةَ الانقراض!
إنّ معظمَنا اليومَ يعيشُ حياةً أفضلَ من حياةِ ملوكِ الماضي: لديه المذياعُ والتلفازُ والغسالةُ والثلاجةُ والسخّانُ والمروحةُ والمدفأةُ والأثاثُ الفاخر!
والمرفّهون قليلا، لديهم التكييفُ والكمبيوترُ والفيديو والدشُّ والسيارة!
ورغم ذلك لا أحدَ يشعرُ بالراحةِ أو الاستقرار!
لا يَهُمّ ماذا أملِك، فالسؤالُ الكبيرُ هو: ماذا يملِكُ أخي؟.. ماذا تملِكُ جارتي؟.. ماذا يملِكُ أصدقائي؟.. ماذا يمكنُ أن أمتلكَ أكثر؟
هذا هو ما يؤكّدُه لكَ غولُ الدعايةِ يومًا عن يوم: أيها التَّعِس: كيف لا تمتلكُ الأجودَ والأفضلَ والأجملَ والأكثرَ إراحة؟.. انسفَ منزلَكَ القديم!
هذا هو الجحيمُ بعينه: السباقُ المحمومُ للامتلاكِ، حيثُ يسقطُ الأضعف، وحيثُ يَدوسُ الجَشَعُ أصحابَ المبادئِ كلَّ يوم.
إنَّ الوسائلَ المشروعةَ لامتلاكِ المالِ قليلةُ الربح، وحتى لو كانت مُربحة، فهي تتطلّبُ جهدًا أكبرَ ووقتًا أطول، بحيثُ لا يَجنى المرءُ ثِمارَها إلا بعدَ أن يُجاوزَ مرحلةَ الشباب ـ هذا إذا لم يَكُن قد جاوزَ مرحلةَ الحياةِ كلَّها!!
فماذا إذن عن الوسائلِ غيرِ المشروعة؟
ومن ذلك الأحمقُ الذى سيُضحّي بفلاية (أبو صلعة) وخيشة (الكحيان)، وسمن (الزعبلاوي)، من أجلِ شعاراتٍ (جَوفاء)؟!!
عَرَفْـتُم الآنَ كيفَ ينشأُ المجرمون؟
دقيقة من عمرك!!
هل جربتم حسابَ الخَسارةِ الفادحةِ الناجمة، لو افترضْنا أن الفقرةَ الإعلانيّةَ تُؤدّي إلى تضييعِ دقيقةٍ واحدةٍ فقط من وقتِ كلِّ مصريّ؟.. 65 مليون دقيقة = 123 عامًا!.. دقيقةٌ واحدةٌ من عمرِ فرد، تساوي 123 عامًا من عمرِ شعب!
كم من القرونِ يُهدر، في بلادٍ أولُ وأخطرُ ما تُصارعُه هو الوقت؟!!!
إذا لم نهتمَّ بالقيمةِ الإنسانية، فلا معنى لأيِّ نظرياتٍ اقتصادية.
لا تتقنِ القيادةَ يا سيّدي: قل مرحبًا للاقتصاد!!
لننظرْ إلى هذا المثالِ الذي نقله (جان ماري بيلت) في كتابِه (عودةُ الوفاقِ بينَ الإنسانِ والطبيعة):
عندَما يقعُ حادثُ سيارةٍ على الطريقِ السريع:
- قد تتعطلُ السيارة، وبالتالي ستوفّرُ العملَ للميكانيكيِّ الذي سيُصلحُها.
- قد تتحطمُ السيارةُ كلّيا، مما يَدفعُ مالكَها إلى شراءِ سيارةٍ جديدة، مما يساعدُ على انتعاشِ معرضِ البيعِ ومصنعِ السيارات.
- قد يُصاب الرُّكابُ، مما يُبهجُ الأطباءَ، وأصحابَ المستشفياتِ الخاصّة، والصيدلياتِ وشركاتِ الأدوية.
- قد يموتُ الركاب، فيرقصُ الحانوتيُّ طَرَبًا: ها هو ذا عملٌ في الطريق!
بناءً على كلِّ ذلكَ نستنجُ أنَّ:
حوادث الطرقِ السريعةِ منعشةٌ للاقتصاد، وتقللُ البطالة، وتوفّرُ فرصَ العمل!!!!!!!
إذن: لا بد أن تعملَ كلُّ دولةٍ على زيادةِ مثلِ هذه الحوادثِ العبقرية!
ولمن فهمَ مغزى هذا المثال، أتساءلُ: لماذا تسمحُ الدولةُ بوجودِ مصانعِ السجائر، والخماراتِ وأماكنِ اللهوِ والرقصِ والفُجرِ وما إلى ذلك؟
هل هي حقًّا مثلُ حوادثِ الطرق، تُنعشُ الاقتصاد؟
شعبٌ ينامُ على (سيراميكا الأمل)!
وهل حقًّا يمكنُ اعتبارُ المئاتِ من مصانعِ (الشيكولاتة) و(البسكويت) والبطاطسِ المحمّرةِ والسمنِ والزيتِ والمشروباتِ الغازيّةِ ومساحيقِِ الغسيلِ والبلاطِ و(السيراميك) إضافةً اقتصاديّةً للبلاد؟
كم من ملايينِ الأطنانِ من هذه السلعِ الاستهلاكيّةِ نحتاجُ لتصديرِها لشراءِ طائرةٍ واحدة؟
وماذا يمكنُ أن يحدثَ لو دخلنا حربا ـ ونحن في منطقةٍ ملتهبة ـ أو فُرِضَ علينا حظرٌ اقتصاديٌّ مفاجئ ـ تذكروا (ليبيا) و(العراق)؟
هل ساعتَها سنأكلُ مخزونَنا الهائلَ من البطاطسِ المحمّرة، ونشربُ أنهارَ المياهِ الغازيّة؟
وإلى متى سيتحمّلُ اقتصادُنا استيرادَ السلعِ الاستيراتيجيّة، والالكترونيّات وما إلى ذلك، وكلّها لا غنى عنها؟!
هل تصدّق: إنّنا بعد كلِّ هذه القرونِ من ثورةِ البخار، وبعد التقدّمِ الهائلِ في علومِ الميكانيكا، لم نصنعْ بعدُ سيارةً مصريةً مئةً بالمئة (فقط بنسبة 97 بالمئة).. يبدو أن محرّك السيارةِ ما زال (معصلجًا) معنا!
بعدَ كم قرنٍ إذن يمكنُ أن نصنعَ مشغلاتِ الكمبيوتر الدقيقة (Microprocessors)؟
محمولٌ في اليد، وجنيهٌ على الشجرة!
والآن، إليك هذا المثال، لتوضيحِ وتأكيدِ ما طرحناه من مفاهيم:
لقد نجحتْ خمسون عامًا من التربيةِ الاستهلاكية، في إنتاجِ شعبٍ (بتاع مظاهر)، القيمةُ عندَه تبدأُ وتنتهي من وإلى الشكل:
فمن موضاتِ وتقليعات الفتيةِ والفتياتِ المقزّزة: قصات الشعر الهستيرية.. الملابس الفاضحة.. (التأمرك).. الكلمات النابية.. التدخين.. البانجو.. الديسكو.. الحفلات الماجنة ….
إلى متطلباتِ الزواجِ الباهظة، التي يفرضُها الأهلُ مراعاةً للشكليّاتِ الاجتماعية: المهر.. الشبكة.. الشقة الفاخرة.. حفلات الفنادق الكبرى التي ينعقُ فيها أشنع (المطربين) وتتمايلُ أفحشُ الراقصات....
وصولا إلى الهاتفِ المحمول، الذي صار حتى سائقوا (الكارو) يحملونه ـ مع احترامي الكامل لهم.
هل حسبتَ كم محمولا في (مصر)؟
هل تخيّلتَ كم ممن يحملونه هم في احتياجٍ حقيقيٍّ له؟ ـ هذا إن لم تكن (المنظرة) احتياجًا حقيقيّا!!
هل تعرفُ كم مليارًا من الدولاراتِ يُقذفُ بها في الخارج لاستيرادِ كلِّ هذه الأجهزة؟
هل تلومُ بعدَ هذا من يتّهمونَ المحمولَ بأنه السببُ الرئيسيُّ في نقصِ السيولةِ، وانخفاضِ سعرِ الجنيهِ أمامَ الدولار؟
وهل تتخيّلُ ماذا سيحدثُ لصناعتِنا الوطنية، حينما تفتحُ (الجات) أبوابَ السلعِ الأجنبيةِ على مصاريعِها، أمامِ شعبٍ استهلاكيٍّ مفترسٍ كشعبنِا؟
أريدُ حلا!
في عالمٍ يتكتّلُ يصبحُ الوحيدُ عصفورًا في وجهِ إعصارٍ كاسح!
هل ستقدرُ (مصر) بمفردِها أن تنافسَ تنّينًا هائلا كـ (الصين)، أو شبهَ قارّةٍ كـ (الهند)، أو اتحادًا مهولا كالاتحادِ الأوروبّي، أو عملاقًا ضخمًا كالولاياتِ المتّحدة؟
فَلْـنُرَوّدْ إذن شعاراتِ الوطنيةِ الدعائيّةِ المتعصّبة، التي لم تدفعنا إلا إلى الخلف، وَلْنخرجْ من قوقعةِ المصريةِ إلى رحابِ العروبة، وآفاقِ الأمّةِ الإسلاميّةِ المتّحدة.
وكبداية: لماذا لا تخرجُ معاهداتُ واتفاقياتُ (جامعةِ الدولِ العربيّةِ) من أوراقِها إلى عالمِ التطبيق؟.. أم هل ستظلُّ الجامعةُ مجرّدَ كِيانٍ دخانيّ، مكتفيةً بالاستنكارِ والشجبِ والإدانة، وهي عسيرةٌ حتّى في بعضِ الأحيان!!
(المَشّاءُون نِيَامًا ينكفئون)!!
ما هو الهدف:
أن نحيا كبشر، أم نحيا فقط؟
أن نعملَ في مجالاتٍ تفيدُ البشرية، أم نعملَ فقط؟
أن نربىَ أولادَنا في عالمٍ يحترمُ حقوقَهم، أم نُلقِيَ بأولادِنا للعالمِ المُوحشِ وفقط؟
أن نتشدّقَ بشعاراتٍ مبالغٍ فيها عن الوطنيّةِ والتاريخِ القديم، وحضارةِ سبعةِ آلافِ عام (كنّا في معظمِها للأسفِ في براثنِ الاستعمار!)، أم نبحثَ عن مستقبلنا، ونتحدَ مع إخوانِنا العربِ والمسلمين، حتى لا تطأنا أقدامُ العمالقة، وتسحقَنا عجلاتُ الزمن؟
أن نكونَ نحن، نُصارعَ لنجعلَ لنا ركنا، موطئَ قدمٍ تحتَ الشمس، أم نضيـعَ في السيل، نتقلّـبَ مع الريح، (نتقولبَ) كما تُريدُنا الدعاية، (نتعولمَ) كما يريدُنا منتجو المصطلحاتِ مُستنزفو الحَيَوَات؟
أكون أو لا أكون.. هذه مجرد أسئلة!
| |
|