ظهر فن المديح و السماع في عهد رسول الله صلى الله وعليه و سلم خلال الهجر ة النبوية من مكة إلى المدينة لما استقبلنه بنات صغيرات السن من بني النجار خرجن فرحات بمقدمه صلى الله عليه وسلم حين وصل المدينة المنورة و هن ينشدن
نحن جوار من بنى النجار يا حبذا محمد من جار
فقال عليه الصلاة والسلام لهن "أتحببنني" فقلن "نعم" فقال "الله يعلم أن قلبي يحبكن"
كما أنشد أيضا في هذه المناسبة فتيات صغيرات أمام النبي صلى الله عليه و سلم
طلع البد ر علينا من ثنيا ت الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
والرسول (صلى الله عليه وسلم) أعطى لهذا البعد الروحي الوجداني حقه من الاهتمام فقد أوكل أداء الآذان للصحابي الجليل بلال بن رباح لما كان يتميز به من صوت جميل وحلاوة في الأداء، وكان يقول ( صلى الله عليه وسلم) لعبد الله بن مسعود: اقرأ القرآن فإني أحب أن أسمعه منك فقد أتاك الله مزمارا من مزامير داوود
و بعد وفاة النبي آستمر هذا الفن في الترعرع في عهد الخلفاء الراشدين ثم بدﺃ يعرف توسعا في عهد الإمارات المتوالية من بعد الخلافة الراشدة كالإمارة الأموية و العباسية... بعدها بدا يعرف اهتماما خاصا لدى الصوفية الذين انفردوا به وطوروه وكانوا دائما يعتنون به ويحملونه من جيل إلى آخر
و السماع أو "الذكر" أحد الوسائل التهذيبية لدى المتصوفة لما له من تأثير فني و وجداني على المريد السالك ، ويؤدى السماع في مجالسهم بأن ينشد فرد أو أكثر قصيدة لشيخ من مشايخ التصوف بأصوات تترنح لها الأسماع وتتمايل لها الأجساد ، ينتهي كل مقطع برد جماعي من المريدين سواء بالهيللة أو بالصلاة على النبي ، بينما يستمر المنشد في تغيير الألحان-الصيغة- من وقت لآخر